أجرت قناة الجزيرة مبُاشر لقاءً مع "بوراك داغي أوغلو" رئيس مكتب الاستثمار التابع لرئاسة الجمهورية التركية تناولت فيه عدة مواضيع تتعلق بالاستثمارات الأجنبية المُباشرة في تركيا وبرنامج منح الجنسية مقابل الاستثمار ومواضيع أخرى ذات صلة.
إلى أين وصل برنامج منح الجنسية للمستثمرين الأجانب في تركيا؟
ورداً على سؤال حول المكان الذي وصل برنامج منح الجنسية التركية للأجانب مقابل الاستثمار وعن تحقيقه لأهدافه المرجوة قال "داغلي أوغلو" إن تركيا بدأت في هذا البرنامج منذ العام 2017 وأجرت تعديلاتٍ عليه في العام 2018 وشهدت السنوات الثلاثة الماضي جذباً كبيراً للمستثمرين الأجانب بهدف الحصول على الجنسية التركية مقابل الاستثمار العقاري بمبلغ 250 ألف دولار أو الاستثمار المصرفي مقابل 500 ألف دولار بشروط مُحددة، ثم تعديل آخر في العام 2022 ليصبح الحد الأدنى لسعر العقار الذي يمنح صاحبه الجنسية التركية هي 400 ألف دولار.
كما أن الفترة الممتدة بين عامي 2013 و2020 جذبت حوالي 250 مليار دولار من الخارج إلى تركيا بفضل التسهيلات الحكومية من تخفيضات ضريبية وسهولة الاستثمار ومنح الإقامات للمستثمرين وأصحاب العقارات والشركة وصولاً لمنحهم الجنسية التركية.
من هي أكثر الجنسيات استفادة من هذا البرنامج؟
وبالنسبة لأكثر الجنسيات المُستفيدة من برنامج منح الجنسية التركية مقابل الاستثمار أفاد المسؤول التركي أن كلاً من مواطني دول الشرق الأوسط وشمال وشرق أوروبا وأذربيجان والكثير من الدول الآسيوية استفادت من هذا البرنامج كونه يتوجه لرقعة واسعة من العالم وليس لمناطق مُحددة.
وأضاف رئيس مكتب الاستثمار في رئاسة الجمهورية التركية أن البرنامج المذكور واجه في البداية بعض الأصوات الداخلية المُعارضة له والمُشككة في نجاحه ولكن الأرقام أثبتت نجاحه لحدٍ كبير، وعلى سبيل المثال فإن الربع الأول من العام 2020 شهد استثمارات ضخمة أتت لتركيا بهدف الحصول على الجنسية التركية والاستفادة من البرنامج ولولا الجائحة لكان العام الماضي قد سجل أرقاماً ضخمة في هذا المجال.
لماذا يختار المُستثمرين الأجانب تركيا دون غيرها للاستثمار فيها؟
أجاب "داغلي أوغلو" عن هذا السؤال بالقول إن تركيا تملك بنية تحتية قوية وعامل بشري يصل إلى 85 مليون بين مواطنين ومُقيمين ما يجعل من حركة السوق والنشاط الاقتصادي والسياحي وعالم الأعمال واسع جداً، كما أن تركيا تملك موقعاً يربط الشرق بالغرب وأوروبا بآسيا ولا يمكن للمواطنين الآسيويين الوصول إلى أوروبا دون المرور بتركيا فيمر منها طريق الحرير القديم، فضلاً عن كون تركيا بين أكثر 5 دول في العالم جذباً للسياح بفضل آلاف المواقع السياحية التي تضمها، كما أن الخطوط الجوية التركية تحظى بشبكة واسعة من الرحلات التي تنطلق من إسطنبول لمُختلف دول العالم جميع هذه العوامل جعلت من تركيا نقطة جذب استثمارية بلا أدنى شك.
هل أثرت التذبذبات التي طالت الليرة التركية في السنوات الأخيرة على واقع الاستثمار والمستثمرين في الأعوام الأخيرة؟
يقول رئيس مكتب الاستثمار في الرئاسة التركية إن الاستثمار طويل المدى لاسيما الاستثمار العقاري لن يتأثر بأي شكلٍ من الأشكال في تذبذب سعر صرف الليرة التركية بالاستثمار البعيد بشكلٍ عام والاستثمار العقاري بشكلٍ خاص هو استثمار آمن يضمن للمستثمر تحقيق أهداف الاستثمارية، أما الاستثمارات القصيرة والمتوسطة فقد تتأثر في هذا الأمر.
واستطرد المسؤول التركي بالقول إنه لا خوف على الاستثمارات الأجنبية والمُستثمرين الدوليين في تركيا فإنها من بين الدول الأسرع نمواً بعد جائحة كورونا وأرقام الصادرات التركية أكبر دليل على ذلك والتي تجاوزت في النصف الأول من العام الجاري عتبة 100 مليار دولار كما أن عجلة الإنتاج لم تتوقف بالرغم من تباطؤ عملها في عام كورونا إلا أنها عادت للدوران كسابق عهدها منذ بداية العام 2021.
كيف أثرت جائحة كورونا على المُستثمرين الدوليين؟
تأثرت جميع دول العالم بجائحة كورونا وليست تركيا فحسب ولكن تقييم النجاح يأتي بعد كورونا بالنظر إلى أكثر الدول نجاحاً في التجاوز السريع للأزمة والعودة لما كانت عليه، وتركيا من بين الدول الأكثر نجاحاً في إدارة وباء كورونا بفضل بينتها التحتية الصحية القوية حيث أعطت الأولوية لصحة المواطنين والمُقيمين قبل أي شيء آخر وسارعت في فرض الإجراءات الوقائية حتى قبل وصول كورونا إلى تركيا عبر سلسلة من التدابير التي أدت للسيطرة على الوضع قبل تحول تركيا لبؤرة وأثناء الأزمة افتتحت عدة مُدن طبية كما استطاعت تصدير العديد من المُنتجات الطبية من أجهزة تنفس وأسرّة عناية مشددة وغيرها بعد أن سدت حاجة السوق المحلية، وفي الوقت نفسه فإن المصانع والمعامل لم تتوقف حيث فرضت تركيا إغلاقاً جزئياً وليس كليّ ودعم الشركات والأفراد مادياً عبر حزم اقتصادية عديدة حالت دون انهيار الدولة أمام الجائحة.
جميع هذه العوامل دفعت المستثمرين للثقة بالاقتصاد التركي وأكبر دليل على نجاح تركيا في إدارة الأزمة هي الفترة اللاحقة التي تلتها لاسيما الأشهر الأولى من العام الجاري، كما أعلنت البلاد عن حملة التلقيح الوطنية التي تجاوزت حتى الساعة الـ 70 مليون جرعة.
ما هي خًطط مكتب الاستثمار في رئاسة الجمهورية التركية بعد كورونا؟
استرشد "داغلي أوغلو" للإجابة على هذا السؤال بتصريحات الرئيس التركية رجب طيب أردوغان عندما قال إن هُناك بداية جديدة تنتظر تركيا في فترة ما بعد كورونا وخصوصاً في فصل الخريف المُقبل بعد تطعيم مُعظم السكان في تركيا بلقاحات كورونا، وبدأ مكتب الاستثمار التركي بالتوجه فعلاً إلى جذب المزيد من الاستثمارات الدولية المُباشرة ووجه بوصلته إلى دولٍ جديدة لاسيما الدول الآسيوية ويعمل بالترويج حالياً فيها على أهمية الاستثمار المُباشر في تركيا مستدلاً بذلك على قوة الاقتصاد التركي ونموه في الوقت الذي مازالت كبرى دول العالم تعاني من آثار الوباء، وذلك بفضل قوة البنية التحتية التركية والمركز اللوجستي التركي وقوة العمل التي تزداد بشكلٍ أكبر وأكبر.
هل تأثرت العلاقات الاقتصادية التركية الأمريكية بظل الخلافات السياسية؟
قال رئيس مكتب الاستثمار التركي إنه يحصل أحياناً بعض التضارب في المصالح بين الدول ولكن عند وضعها على الطاولة سيتم التغلب عليها جميعاً وهي تطورات سياسية ونحن نتحدث عن التطورات الاقتصادية، فالأرقام تُشير أن الولايات المُتحدة الأمريكية تشكل ثاني أكبر استثمارات دولية مُباشرة في تركيا وهُناك 22 شركة أمريكية تعمل في تركيا وعملها متواصل حتى اللحظة وتركيا لديها شراكة اقتصادية قوية مع أمريكا.
ماذا عن العلاقات الاقتصادية التركية الخليجية؟
واختتم اللقاء بالحديث عن واقع الاستثمارات بين تركيا ودول الخليج العربي، حيث أكد "داغلي أوغلو" على أن الاستثمارات الخليجية في تركيا بلغت رغم الأزمة 13 مليار دولار من أصل 170 مليار دولار جذبتها تركيا من الاستثمار الأجنبي المُباشر في البلاد، وأن الحركة التجارية لم تتوقف بالرغم من تضائلها في السنوات الأخيرة بسبب الدعوات لمُقاطعة المُنتجات التركية إثر الخلافات السياسية، وهُناك مؤشرات إيجابية حول عودة التبادل التجاري بين تركيا ودول الخليج واستئناف الاستثمارات بينهما لاسيما أنهما يتشاركان بالقرب الجغرافي وفي العديد النواحي الثقافية والاجتماعية.
Comments