يشترك العرب والأتراك بالكثير من الصفات الحميدة والتقاليد الجميلة وفي مقالنا التالي سنتحدث عن أحد أهم الصفات المشتركة التي كانت ومازالت منتشرة بين الشعوب العربية والتركية مما ساعد بشكل كبير في اندماج العرب في المجتمع التركي والتأقلم مع الثقافة التركية ألا وهي صفة الكرم.
الأتراك شعب معروف بالكرم وحسن الضيافة فإذا كنت متواجدا في تركيا فلا بد أنك سمعت صفة misafirperver والتي تعني بالعربية الانسان المضياف الذي يكرم ضيوفه وهي من أكثر الصفات التي يتباهى بها الأتراك وذلك بتقديم الأصناف المختلفة من الطعام والشراب للضيف، بالإضافة لوجود غرفة خاصة بالضيوف في البيت تكون معدة لاستقبال الضيوف وأحيانا لمبيتهم لعدة أيام لأنه بحسب الثقافة التركية الضيف هو ضيف الرحمن.
وإذا كان لديك أصدقاء أو معارف أتراك وذهبت لزيارتهم فسوف تبدأ مظاهر الكرم التركي فور وصولك البيت من خلال ترحيبهم الكبير بالضيف بكلمات وعبارات توحي بجلب الصفاء والمحبة مع مجيء الضيف مما يضفي أجواء مريحة للضيف الذي يتحول لفرد من العائلة بمجرد دخوله البيت، ولا تقبل العائلة التركية أن تترك ضيفها غالبا إلا بعد تناوله وجبة طعام من إحدى المأكولات التركية الشهية سواء المعجنات أو الوجبات المطبوخة وغيرها. وتنتشر في تركيا الزيارات الودية العفوية التي تتضمن شرب مشروب الأتراك المفضل الشاي أو القهوة التركية وتبادل الأحاديث والأخبار.
ويزيد هذا الكرم في شهر رمضان المبارك الذي تبدأ فيه الولائم والزيارات بين الأقارب والجيران أو حتى مع الغرباء ويعتبر مشهد الأطباق المتبادلة بين الجيران خاصة في الساعة التي تسبق الافطار من أكثر المشاهد التي تدل على كرم الشعب التركي وحبه للعطاء وهذه عادة جميلة متوارثة يحافظ عليها الناس لحتى الان لما لها من آثار حميدة في تقوية أواصر الأخوة والمحبة خاصة في هذا الشهر الفضيل الذي يصفه الأتراك بسلطان الشهور.
وليس من المستغرب أن ترى الولائم الرمضانية المنتشرة في الشوارع التركية والتي تكون في الغالب عبارة عن مبادرات من أهل الحي الذين يجمعون وجبات إفطارهم ليشاركوها مع من يريد بشكل عفوي وودود.
وهذا ما يفسر وجود أشخاص من جنسيات وأعراق مختلفة قرروا أن يستقروا في تركيا ليس فقط من العرب أو الشعوب المجاورة لتركيا بل أيضا من الجنسيات الغربية البعيدة تماما عن الثقافة الشرقية إلا أنهم يحبون زيارة تركيا وقضاء أوقاتهم فيها ويتحدثون عن تجارهم مع الشعب التركي بكل إيجابية نتيجة لتجربة أخلاق الأتراك العالية وخاصة خلق الكرم والذي يُشعر الأجنبي بالانتماء لهذا البلد.
وإذا أردنا أن نتحدث بشكل خاص عن تجربتنا كعرب مع الكرم التركي فهناك العديد من القصص والأمثلة التي نشاهدها يوميا ومن أبرزها احتضان الشعب التركي للشعوب العربية التي لجأت لتركيا بعد الظروف السياسية الصعبة سواء من الشعب الفلسطيني أو السوري أو غيرهم من الشعوب العربية التي وجدت في تركيا وجهة مناسبة للاستقرار وكما هو متوقع استقبل الشعب التركي أشقاءه العرب ورحب فيهم وأكرمهم كعادته.
وحينما سُأل رئيس الوزراء التركي السابق أحمد داود أوغلو في أحد المقابلات عن السبب الذي جعل الشعب التركي يفتح أبوابه للضيوف قال انه في القرية التي كان يعيش فيها على جبل طوروس كان هناك غرفة كبيرة أبوابها مفتوحة طوال الوقت لأي ضيف أو عابر سبيل منذ أكثر من أربع قرون وحتى يومنا الحالي حيث يخصص أهل القرية هذه الغرفة الواسعة للضيوف ويقدمون لهم الطعام والشراب ومصاريف التنقل، ويعتبر أي شخص لا يكرم ضيف القرية شخص منبوذ من جميع أهالي القرية وبالتالي فإن الشعب الذي تربى وكبر على هذه العادات والأخلاق لا يمكنه أن يغلق بابه في وجه ضيوفه أبدا.
Comments