تحظى المقاهي في اسطنبول بشعبية رائعة، ومكانة عالية، ذلك لأنه يمكنك العثور على مقهى في كل ركن من أركان الشارع، وعندما تأسست الدولة العثمانية ازداد عدد المقاهي، وباتت تشكل جزءا من الثقافة والنسيج الاجتماعي لدى الشعب التركي.
وقد افتُتح أول مقهى في إسطنبول في خمسينيات القرن السادس عشر من قبل "قهوجيين" من العرب، وهما "حكم الحلبي وشمس الدمشقي" في منطقة " تاهتا قلعة " في إسطنبول.
وقد أحدثت المقاهي منذ انتشارها تغييرا في أسلوب تناول الطعام والشراب عند الأتراك، فتحولت إلى أماكن بارزة للتفاعل الاجتماعي.
وفي عهد الحكم الإسلامي للسلطان سليمان القانوني لم تكن المقاهي موجودة، فالمواطن التركي بحكم عقيدته ينتقل من عمله إلى بيته مباشرة، ومع مرور الزمن، انفصلت المقاهي عن هدفها الأصلي وتحولت إلى أماكن يتجمع فيها السكان ليتداولوا الأحاديث عن أوضاع البلاد والشؤون السياسية وما يتوارد من أقوال القصر، وكان يزداد الاهتمام بالمقاهي خاصة في شهر رمضان أين يلتقي الأتراك في الساحات عمومية حيث يجتمع فيها الفنانون والرجال من مختلف الأعراق واللغات ليقضوا وقتا طيبا ويناقشون المواضيع ويتبادلوا الآراء والمعلومات مع أصدقائهم وحتى الشعراء، ينظمون أشعارهم هناك ويقدم لهم الشاي أو القهوة أو التبغ في المقهى.
وفي سنة 1583 أمر السلطان مراد السادس بإغلاق كل المقاهي في اسطنبول بسبب ظهور أفكار وولادة حركات مناهضة للحكم، لكن بعد وفاته فتحت من جديد وزاد الإقبال عليها كثيرا.
أصبحت المقاهي نقطة التقاء للكثير من الباحثين والأدباء، بعضهم يقرأ الكتب، والبعض الآخر ينهمك في لعب طاولة الشطرنج، فحلت المقاهي محل المنازل، كونها أماكن للراحة واحتساء القهوة، وحتى التجار يبرمون صفقاتهم.
كانت المقاهي العثمانية معلما لثقافة أجيال عبر الزمن، ومازالت حتى الآن قصة تحاكي تاريخ وحضارة عريقة.
Comments