top of page

شاهد كيف بنى العُثمانيون "قصوراً للطيور" في إسطنبول! (صور)

تاريخ التحديث: 22 أكتوبر 2022


عُرف الأتراك ومنذ زمنٍ طويل باهتمامهم المٌلفت بالحيوانات والطيور التي استوطنت مُدنهم وقراهم واعتنوا بها عبر توفير الحماية وتقديم المياه والغذاء لها وصولنا ليومنا الحالي.


ولا نكاد نمر في طريقٍ أو زقاق في تركيا إلا ونشاهد أماكن مخصصة لوضع الطعام والماء كي يتسنى للحيوانات الأليفة والطيور المُنتشرة في شوارع المدينة على التغذي منها، وتأكيداً على هذه الأفعال والممارسات قال الشاعر الصوفي العُثماني يونس إمرة "نحب المخلوق بسبب الخالق".


وقد جُبل أهالي وسكان منطقة الأناضول على حبّ الحيوانات ومُساعدتها والرأفة بها، كما صدرت قبل قرون العديد من القوانين والفرامانات العُثمانية الخاصة بحقوق الحيوان، وبذل المسلمون العُثمانيون جهوداً حثيثة للاعتناء بجميع الحيوانات وحمايتها لاسيما الطيور الصغيرة ذات الطبيعة الحساسة ولهذا تجاوزت جهودهم حدود الرحمة بكثير لتصل إلى مجالات الفن والهندسة المعمارية.



ومن أهم المعالم والهياكل الهندسية التي يتجسد فيها هذا الشعور هي "منازل الطيور" التي دأب العثمانيون على تصميمها وبنائها بأشكالٍ وأحجامٍ مُختلفة ضمن جدران القصور والبيوت والمساجد والمدارس في ذلك الحين، والتي مازالت حتى اليوم شاهدة على أسمى معاني الرحمة والجمال إبان فترة حكم الدولة العُثمانية.


بيوت الطيور العُثمانية

بدأت هذه المباني التي تُعرف أيضاً باسم "قصور الطيور" أو "منازل العصافير" في الظهور في العمارة العُثمانية منذ القرن السادس عشر لتبلغ أوجها في القرن الثامن عشر حيث انتشرت على نطاقٍ واسع عبر بنائها العديد من المباني والقصور باستخدام الطوب والحجارة، عد عن الأخشاب التي تستطع الحفاظ على وجودها حتى الآن.


وفضلاً عن المعايير الجمالية والعمرانية فقد بُنيت بيوت الطيور بدقة بالغة وفق معايير أخرى مهمة منها بناء البيوت والقصور الحجرية على أعلى مستوى ممكن ضمن البناء أو الجدار بهدف حمايتها من المخاطر وهجمات الحيوانات المُفترسة إلى جانب بنائها بحسب اتجاه سطوع الشمس بعيداً عن هبوب الرياح الشمالية.



وقد تحول الاهتمام بأعشاش الطيور الحجرية في الحقبة العُثمانية إلى فنٍ مُتقن حاله كحال المباني والتُحف العمرانية الأخرى، ومع الوقت تحولت لقصورٍ عُثمانية مُصغرة تأخذ شكل المبني الذي بنيت ضمن جدرانه سواءً كان مسجداً أو قصراً أو حتى مدرسة لتصبح بذلك إحدى معالم الثقافة المعمارية العُثمانية التي تُنافس المعماريون فيما بينهم وقتها لتصميم وبناء أجملها.


هذا ويمكن العثور على منازل الطيور التي جرى بناؤها قديماً في جميع أركان البلاد لاسيما في مدينة إسطنبول، فبيوت الطيور لم تُحيي وتُزيّن واجهات المباني العُثمانية المُهيبة فحسب بل حلّت بديلاً مكان المنحوتات والرسوم المصورة التي كانت رائحة لدى الإمبراطوريات الغربية حينها.



كيف اهتم العُثمانيون بالطيور؟

افتتح الكاتب الإيطالي "إدموندو دي أميسيس" مُذكراته بعنوان "رحلة إسطنبول"، قسماً مُنفصلاً عن القيمة والتعاطف والاحترام التي يوليها سكان الدولة العُثمانية للحيوانات والطيور بشكلٍ خاص قائلاً: "عدد لا حصر له من الطيور من جميع الأنواع يظهر لها الأتراك التعاطف والاحترام الحارّ تسمع زقزقتها وزقزقة أجنحتها حول المساجد والبساتين والأسوار القديمة والحدائق والقصور".

وتابع الرحالة والمؤلف الإيطالي سرد مذكراته بالحديث حول العلاقة بين أتراك الدولة العُثمانية والطيور قائلاً إن لكل من هذه الطيور أهمية خاصة ومعنى رقيق في فهمهم الحضاري فالحمام يدل على العشاق والسنونو يرمز للأمان واللقلق للحج كل عام إلى مكة المكرمة لذلك يحمي الناس هذه الطيور ويطعمونها محبةً وتقرباً إلى الله عز وجل.

ومن هذا المُنطلق أسست الدولة العُثمانية مؤسسة طبيّة خاصة تعني بالطيور وأمراضها سُميّت باسم "غرباخانة لقلقان" ومازال احترام الأتراك للطيور قائماً حتى اليوم متمثلاً عبر ما قامت به الإدارة العامة للغابات التابعة لوزارة الزراعة والغابات التركية من تعليق قرابة 670 ألف عش صناعي للطيور خلال السنوات الماضية في مُختلف الغابات والمُنتزهات العامة، إلى جانب أشجار الأزقة والطرقات ليس فقط لحماية الطيور بل لحماية الغابات أيضاً من الحشرات الضارة.



أشهر الأماكن التي تضم بيوتاً للطيور في إسطنبول:

بُنيت بيوت الطيور على الجدران الخارجية للمباني والصروح العُثمانية المُهمة بما في ذلك المساجد والقصور والمدارس والمكتبات والمشارب وحتى الكنائس المسيحية والكنيس اليهودية وكان الهدف منها فعلُ الخير اتجاه الحيوانات الضعيفة وتوفير مكانٍ آمنٍ للطيور لوضع البيض وتربية صغارها.

ومن أقدم الأماكن المُخصصة لهذه القصور هي بيت الطيور الذي بُنيّ بداية القرن السادس عشر وتحديداً في العام 1504 على أحد جدران مسجد "بالي باش" في إسطنبول، بالإضافة إلى أماكن أخرى مثل:

-قبر السلطان العُثماني "مُصطفى الثالث".

-مسجد السُليمانية.

-مسجد والدة سلطان.

-مسجد "أيازما في حي أوسكودار الواقع في إسطنبول الآسيوية.

-مدرسة "سيد حسن باشا".

-مقسم تقسيم لتوزيع المياه الواقع بالقرب من ميدان تقسيم.

-مسجد إمينونو الجديد.

-مسجد أيوب سُلطان في دير أيوس.


留言


bottom of page