يزخر تاريخنا الاسلامي بالكثير من المواقف البطولية والتضحيات العظيمة التي تبنتها الدولة العثمانية للدفاع عن المقدسات الإسلامية ومن أبرز هذه القصص الشهيرة قصة إنقاذ السلطان العثماني سليم الأول للكعبة المشرفة والتي سنتحدث عنها أكثر في مقالنا التالي.
أولا من هو السلطان سليم الأول؟
هو أحد أبرز السلاطين العثمانيين فهو حفيد محمد الفاتح و ابن السلطان بايزيد الثاني، ولد عام 1470 م، وتلقى تربية دينية خاصة ساعدته في تشكيل شخصية قوية وحاسمة ارتبطت ارتباطا وثيقا بخدمة المقدسات الإسلامية والدفاع عنها. وقد كان له اسهامات كبيرة في حركة الفتوحات الاسلامية وهو أول خليفة عثماني يتسلم مفتاح مكة بعد توحيد الخلافة الاسلامية تحت الراية العثمانية.
الدولة العثمانية والمقدسات الإسلامية
منذ تأسيس الدولة العثمانية ظهر اهتمام السلاطين بالمقدسات الاسلامية ومن مظاهر ذلك كان ارسال السلاطين العثمانيين المساعدات والهدايا لأهل الحجاز بالإضافة إلى إرسال ستارة الكعبة الشريفة كل عام.
لكن حتى ذلك الوقت لم تكن جميع الأراضي الاسلامية تحت حكم الخلافة العثمانية وكانت الأماكن المقدسة تحت حكم دولة المماليك حتى جاء السلطان سليم الأول وتسلم مفتاح مكة من أمير الحجاز عام 1517م.
وبهذه المناسبة فقد أطلق عليه بعض أئمة المساجد لقب مالك مكة والمدينة لكنه رفض هذا اللقب واختار أن يلقب بخادم مكة والمدينة إجلالا للمدن المقدسة وهكذا بدأ فصل جديد وفريد في خدمة السلاطين العثمانيين للأماكن المقدسة.
وقد حدثت قصة طريفة تبين مدى تعظيم السلطان سليم الأول لهذه الأماكن وهي قصة المقشة، حيث عرض على السلطان المقشة التي يتم بها تنظيف الحرم الشريف فوضعها السلطان على رأسه وكأنها تاج ملكي يتفاخر به السلاطين. وهذه الحكاية تفسر أصل وضع صورة المقشة على عمائم السلاطين العثمانيين في الصور والرسومات القديمة.
كيف أنقذ السلطان سليم الأول الكعبة المشرفة؟
مع ضعف دولة المماليك التي كانت تحكم الوطن الإسلامي في ذلك الوقت تدخل السلطان سليم الأول يوحد كلمة المسلمين ويجمع خلافتهم لصد خطر الغزو الصليبي والذي كان من المخطط له أن يصل لمكة ويهدم الكعبة المشرفة وينبش قبر النبي الكريم في المسجد النبوي ثم يسيطر على المسجد الأقصى وبهذا تكون جميع المقدسات الاسلامية واقعة تحت الغزو لكن السلطان سليم الأول لم سمح لهذا الغزو أن يتم وذلك من خلال إحكام سيطرته على مناطق مصر والشام، وبهذا التدخل السريع والمصيري بدأت مرحلة جديدة من الحكم الإسلامي للعالم العربي وهي الخلافة العثمانية.
بدأت الحملات الصليبية من مناطق البرتغال بالتجهيز للدخول إلى البحر الأحمر بالسفن متجهين لمدينة مكة بقيادة هنري الملاح، لكنهم وجدوا الأسطول الاسلامي الذي أرسله السلطان سليم الأول في مواجهتهم، و قد نجح هذا الأسطول في صد الهجوم والسيطرة على البحر الأحمر بحيث لا تستطيع أي سفينة معادية العبور.
وقد كان لهذه الخطوة الأثر الكبير في إنقاذ السلطان سليم الأول للكعبة المشرفة وباقي المقدسات الاسلامية. وكانت أيضا خطوة مهمة لانطلاق الحملات البحرية باتجاه الأندلس فيما بعد.
وعلى الرغم من أن قصة صد الغزو الصليبي وحماية مكة هي القصة الأشهر عن السلطان سليم الأول إلا أن خدماته للمقدسات الإسلامية كانت أكثر من أن تعد ففي عهده تم ترميم سقف الكعبة المشرفة ومآذن المسجد النبوي الشريف وتجديد مسجد قباء، وبناء المدارس الدينية للمذاهب الفقهية الأربعة في مكة وغيرها من الإسهامات العظيمة التي قدمت خدمات جليلة للأماكن المقدسة ولازالت آثارها موجودة حتى اليوم وشاهدة على اهتمام الدولة العثمانية بالمقدسات الإسلامية وحمايتها.
Comentários