تعرف إسطنبول بأنه أم المآذن لكثرة مساجدها، وهي من أروع المدن في تركيا، لتمتعها بأهمية فريدة من نوعها، تجعل منها أيقونة حضارية بمعنى الكلمة، فوجود المساجد أثناء الحكم العثماني في هذه المناطق له هدف كبير، فمثلا مسجد السلطان فاتح كان بجانبه مدارس، منها مدرسة البحر المتوسط و الأخرى مدرسة البحر الميت.
فموضوع الجوامع كان عبارة عن مجمعات فيها مثلا مراكز طلابية لعلوم الدين وحتى المكان الذي كان ينامون فيه، كذلك مكان للخط العربي و الزخرفة و الأمكنة أخرى متنوعة. و المساجد في تركيا لم تبنى وحدها بل كان بجانبها مباني أخرى تابعة لها، لذا كان من الضروري وجود سبل المياه، وما نلاحظه في الجوامع التركية وجود سبل عند مدخلها مما يسهل لأي أحد من المصلين الوضوء أو الشرب منها.
ما قصة السبل المنتشرة في مساجد تركيا ؟
إن كل من يزور جامع سلطان أحمد يرى سبل الماء الموجودة في موقعه و كيفية بنائه، فقصة وجود سبل المياه في مختلف أنحاء المساجد خاصة ، و الأماكن الأخرى عامة كانت موضع إهتمام الكل، فمنذ العصر البزنطي بنيت قنوات لجلب الماء من الغابات المجاورة، أما في العصر العثماني إختلف الأمر، فكان كل سلطان يبني قنوات جديدة وهدفها أن الماء الذي يتجمع عند السدود يوزع على السبل في جميع أرجاء المدينة، و إذا كانت السبل جزءا من المبنى أنذاك، فإنها كانت تبنى مثلا في ساحة البيت أو الحديقة أو الساحة العامة.
ماهي الأشكال التي أخذتها السبل ؟
بنيت أسقف السبل من قرميد و تحتوي على صنبور أو عدة صنابير معلقة على واجهة السبيل ليشرب الناس منه، زيادة على ذلك وضع أمام كل سبيل خزان تشرب منه الحيوانات، ثم مع مرور الزمن و تطور التكنولوجيا بدأ إستخدام الرخام في بناء السبل بدلا من الحجارة، فوجود ساحة في مسجد الفاتح تجعل الناس يتجمعون فيها مما يقتضي ضرورة وجود سبل كثيرة لشرب الماء، وهذا ما أدى إلى بناء بئر في مسجد الفاتح وذلك لخدمة هؤلاء الناس، ومادام وجود مياه جوفية في المكان الموجود فيه المسجد، فإنه يستغل لهذا الغرض وهذا البئر أكيد وجد منذ السلطنة العثمانية ومازال موجود لحد الآن.
فموضوع السبل وجد بالذات منذ أيام السلطنة العثمانية خاصة في مدينة إسطنبول وهي التي أبدعت في ذلك، أما في القديم كان الساقي هو الذي يجلب الماء عن طريق جرة كبيرة يضعها في عربته ويوزعها على البيوت التي تملك خزان و التي تكون بعيدة عن مركز المدينة، أما في هذه الأخيرة كان فيها ساقي صغير يحمل قربة على ظهره ويمر على البيوت ويفرغ الماء على الجرار الموجودة أمام كل بيت، حيث يضع علامة على الجرة التي تفيد عدد المرات التي أفرغت فيها الماء، و في آخر الشهر يأخذ أجره من كل عائلة.
فموضوع السبل موجودة في كل محلات المدينة وحتى الأحياء القديمة في إسطنبول،و حتى الأماكن البعيدة عن مركز المدينة. والملفت للإنتباه في مسجد السلطان أحمد كتبت عبارة على السبيل:" قولوا بسم الله و ادعوا
فالناس إذا أرادوا فعل خير بشكل دائم، فإنه أفضل شيء يقومون به هو بناء سبل مياه، ولكن مع مرور الزمن وإنتشار سبل المياه في الشوارع و بيعها في قارورات و توصيلها للناس إلى بيوتهم، هجرت هذه العادة لعدم الإعتناء بها، فالسبل أصبحت الآن في تركيا عامة، وفي إسطنبول خاصة أثرية تزين المدن بوصفها شاهدا صامتا على أيام الخوالي.
Comentarios