تتمتع اللغة العربية بمكانة عالية في جميع الدول المسلمة كونها لغة القرآن والعلوم الشرعية، وهي اللغة الثانية على مستوى الجمهورية التركية نتيجة لتأثير العديد من العوامل من أهمها التاريخ المشترك الطويل بين العرب والأتراك خاصة في عهد الدولة العثمانية، حيث أن اللغة التركية كانت تكتب بحروف عربية في بدايتها حتى تم تغييرها إلى الأحرف اللاتينية في زمن الدولة الحديثة.
وحتى بعد استبدال الحروف العربية باللاتينية بقيت مكانة اللغة العربية ثابتة في قلوب الأتراك فهي تساعدهم على قراءة القرآن وفهم الحديث الشريف وغيره من العلوم الاسلامية وفي ذات الوقت تذكرهم بتاريخهم المجيد.
وحسب الدراسات يوجد أكثر من ستة آلاف كلمة عربية في اللغة التركية اليوم والارتباط بين هاتين اللغتين بعبر عن الارتباط الثقافي والديني بين الشعب العربي والتركي.
لكن الظاهرة اللي كانت ومازالت تدهش الزوار والسياح القادمين لمناطق جنوب شرق تركيا أن هناك مدن كاملة يتكلم أهلها اللغة العربية كلغة التعامل اليومي مع انها مدن تركية ومن هذه المدن:
مدينة ماردين
هذه المدينة التي يرجع تاريخها لأكثر من 4000 سنة، وقد كانت جزء من الجمهورية السورية لغاية عام 1923 ثم تم ضمها للجمهورية التركية بموجب معاهدة لوزان. تقع مدينة ماردين العريقة في جنوب شرق منطقة الأناضول على الحدود مع سوريا وقريبة من نهر دجلة. وهي مدينة مرتفعة واقعة على تل مشرف على سهول الجزيرة الفراتية العليا وهي سهول خضراء ممتدة يقصدها السياح خاصة في الصيف لأنها تتميز باعتدال طقسها. وفي الحقيقة ليس من المستغرب أن أهل ماردين يتكلمون العربية لأن نصف سكانها هم من أصل عربي والنصف الثاني أغلبهم من الأكراد.
محافظة هاتاي
واللي كانت تعرف باسم لواء الاسكندرون، وأبرز مدنها هي مدينة أنطاكيا الشهيرة. هذه المحافظة كانت جزء من سوريا حتى عام 1939 ومع الانتداب الفرنسي على سوريا تم ضمها للأراضي التركية. وأي شخص محب للاكل التركي بوصفاته اللذيذة لا بد أنه سمع عن هاتاي، في هذه المحافظة يشكل السكان العرب نسبة كبيرة بالإضافة لمزيج من الأعراق الأخرى من الأتراك والأكراد والأرمن.
محافظة أورفا
وتقع جنوب شرق تركيا وشمال الجمهورية السورية، وتم ضمها لتركيا عام 1920، وبالإضافة إلى أنها اكتسب شهرة كبيرة من خلال وصفة المشاوي الخاصة بها -كباب أورفة- وهي أيضا مشهورة بالعديد من الآثار التاريخية القديمة والمكتشفات الأثرية القيّمة ففيها يوجد موقع غوبكلي تبه الذي يعود تاريخه لأكثر من 12 ألف عام وهي من أقدم المباني الصخرية في منطقة ما بين النهرين، وفيها كان مولد نبينا إبراهيم عليه السلام. ويطلق على أورفة انها جنة الجنوب التركي بفضل طبيعتها الساحرة وتراثها العريق.
محافظة غازي عنتاب
وهي أيضا من محافظات الشمال السوري التي انضمت لتركيا في عام 1920 وتبعد عن حلب فقط 96كم. وتعتبر مدينة غازي عنتاب سادس أكبر مدينة في تركيا، وهي منطقة صناعية اكتسبت شهرة كبيرة نتيجة وجباتها المميزة وشهرتها بصناعة الحلويات خاصة تلك التي تحتوي على الفستق الحلبي أ, العنتابي نسبة لهذه المدينة، والذي يدخل في صناعة أغلب الحلويات التركية. وفيها خليط متنوع من الأعراق والأجناس من ترك وعرب وأكراد وشركس وما زلنا نسمع اللغة العربية في شوارعها حتى اليوم.
وكما نلاحظ أن أغلب المدن في الجنوب التركي ما زالت تتكلم اللغة العربية وهي مدن تاريخية عريقة على الحدود السورية وكانت جزء من سوريا حتى الحرب العالمية الأولى لذا بقي سكان هذه المناطق محتفظين بهويتهم وثقافتهم ولغتهم ومازالوا حتى اليوم يتكلمون العربية إلى جانب اللغة التركية بكل فخر.
Comments